جاري السكران
يمنات
ضياف البراق
لم أعد أشعر بالأمل والطمأنينة إلا عندما تلامس شغاف قلبي، ثرثرات جاري السكران أتمنى دائمًا لو أن الأوطان طيبة مثل قلبه الرحب، قلبه البسكويتي الذي يتسع للجميع دونما تمييز، ويعطف على كل شيء حتى على الأشياء السيئة.
أقسم من حريتي أن هذا الجار النقي، واحدٌ من أنبل وأجمل كائنات حارتنا الهائمة على وجهها، المكتظة بالقسوة والوحشة. ليت كل الناس مثله!
سكران محترم وجميل للغاية!
عندما يلتقيني، أو العكس، تستيقظ وتزهو الحياة بداخلي، الحياة البائسة التي يقتلها هذا الاغتراب المرير.
إنه كائن لطيف جدًا (50 سنة تقريبًا)، يغمره الحب، بسيط لدرجة الوجع، مرن وجديد طوال الوقت، يبتسم لكل شيء، ولا يبدو على ملامحه المضيئة أي سوء.
يمتعني حين يحدثني عن الحياة بطريقته العفوية الخاصة، ويدهشني بحق كما لو أنه أكبر من فيلسوف. يقول لي عندما نلتقي: مجتمعنا بحاجة ماسة إلى ثقافة الحب والقبول بالآخر، ولو تحقق هذا الأمر، سينجو الجميع ونحن كذلك”.
وأحيانًا يسخر من كل شيء، مثل زوربا، إذ يقول لي: مافيش حاجة تستحق أن نحزن عليها أو ننحني لها…، حياة الحرب حلوة جدًا.
سكران ضحوك دومًا، في روحه تتجسد كل المعاني الصوفية الجميلة..وكذا كل صفات الإنسانية. إنه متصوف على الفطرة.
الليلة، لم أسمع صوته إطلاقًا، لذا ينتابني الآن القلق الشديد تجاه هذا الأمر المزعج. أتمنى له كل الخير!
في مثل هذا الوقت، من كل ليلة، اعتاد أن يطرقَ بابي البائس بأناقة مؤنسة وصوته الشجي يناديني كحفيف شجرة: ضياف، هل أنت بخير؟
ويضيف: قلبي معك دومًا .. كن بخير لأجلنا. تصبح على حب وسلام”.
تمجعني به هذه الحرب القذرة ويفصلني عنه هذا الجدار الكئيب.